عادي بن عادي

ولد عادي بن عادي من أم وأب عاديين وتربى تربية عادية في طفولته , ومر من خلال رحلته التعليمة بمراحل عدة تخرج منها بتقدير عادي وترتيب عادي ومعدل عادي !!


كم منا بكل أسف يعيش حياة أخينا عادي بن عادي ؟؟

كم منا هو صفر فعال على يمين العدد وكم هو صفر على شمال العدد بلا قيمة أو دور أو مضمون أو هدف !!

كم منا يحمل حلماً يريد أن يفني عمره كله في تحقيقه أو قضية عظيمة يريد أن ينبري لها أو رسالة سامية يريد أن يتفرغ لها أو هم أو هاجس عزم على خدمته أو الدفاع عنه أو مشروع فكري أو تجاري أو علمي أو سياسي أو اقتصادي أواجتماعي أو إعلامي أو خيري أو تنموي أو نهضوي يكون توأم روحه ورفيق دربه على الدوام يفكر فيه في اليقظة ويحلم فيه في المنام ويعيش معه في كل دقيقة لا يفارقه ما دام في الجسد روح وفي الجسم قلب ينبض .



ودخل عادي بن عادي الجامعة وتخصص تخصص عادياً وتخرج منها بتقدير عادي ومعدل عادي وترتيب عادي !!
ثم توظف السيد عادي وظيفة عادية وتزوج فتاة عادية وأنجب أطفال عاديين وبعد زمن ختم عادي بن عادي حياته وتوفى بعد رحلة حياتية عادية لا فرق فيها ولا فريد , لا جد ولا جديد..


عاش على الهامش واكتفى بأن يكون متفرجاً على مجريات الأحداث ولا يشارك في صنعها أو تحضيره..
مات ولم يعرفه احد ولا يدعوا له أحد ولا يذكره أحد !!
مات ولم يبادر أو يطمح , لم يحلم ولم يشتاق , ولم يتوق أو يتفوق !!
غادر الحياة مثل ما جاء إليها , بل ربما كان عالة على من حوله بامتياز
فلم يكن مبادراً ولم يكن متفاعلاً وما كان السابقين الأولين .
فلا هو شارك في عمارة الأرض ولا تبليغ الرسالة ولا خدمة البشرية ولا نصح الأمة ولا دفع المجتمع إلى الأمام ولم يسهم في بناء أو رفعة أو تنمية أو عمل خلاق أو مبدع أو منتج .
لم يكن مسهماً في شيء ولا مساهماً في مشروع ولا مستثمراً في حلم ..
جاء ولم يعرف لما جاء ورحل ولا يعرف ماذا صنع وماذا أبدع أو اخترع .
فضل الحياة الروتينية و الانزواء والانطواء عن حراك المجتمع وحاجات الناس وعن لعب دور محوي ولو بسيط في كون هو محور حركته ومستودع عمارته وأداة حضارته وطاقة نهضته..



هام على وجه في الأرض وتخبط في حياته هنا وهناك وأدارها بعشوائية وفوضى وكان ردة فعل بدل أن يكون الفعل نفسه !!